هل قلة النوم تسبب صداع؟

يعتبر النوم المريح والكافي حاجةً صحيةً ضرورية لكل الأشخاص من كافة المراحل العمرية، ويعود ذلك للدور المهم الذي يلعبه النوم الصحّي في تقوية العقل، وتنشيط الجسم، وتنظيم عمل أنظمة الجسم المختلفة، وتختلف عدد الساعات التي يحتاجها الأشخاص من النوم بحسب المرحلة العمرية، إذ يحتاج البالغين حوالي 7 إلى 9 ساعات من النوم يوميًا، بينما يحتاج الأطفال والمراهقون إلى مدة أطول من ذلك.^[١]

هل قلة النوم تسبب صداع؟

على الرغم من معاناة الكثير من الأشخاص من الصداع، أو الصداع النصفي المرتبط بقلة عدد ساعات النوم، إلا أن العلماء لم يتمكنوا من معرفة ما إذا كان الصداع يتسبب في اضطراب النوم، أو إذا كانت الإصابة بالصداع ناتجةً عن أنماط النوم غير المنتظم، حيث حاول العلماء ومنذ القدم الربط بين الصداع والنوم، بناءً على المناطق المسؤولة عن كل منها في الدماغ، ومع ذلك لا تزال العلاقة حتى يومنا هذا غير واضحة وغير مفهومة بشكلٍ كامل.^[٢][٣]

لماذا توجد علاقة وثيقة بين النوم والصداع؟

على الرغم من أننا لا نزال بحاجة للمزيد من الأبحاث لفهم العلاقة بين النوم والصداع، إلا أن بعض الأبحاث بيّنت أن النوم والصداع يمتلكان آليات دماغية مشتركة، ويعزى ذلك إلى وجود خلايا عصبية في منطقة تحت المهاد في الدماغ لها علاقة بالشعور بالألم، إضافةً إلى دور منطقة تحت المهاد في تنظيم النوم واليقظة، وعلى صعيدٍ آخر، تحتوي أجسامنا على نظام مضبوط بدقة، يعمل بدوره على خلق توازن دقيق بين النوم واليقظة، إضافةً إلى تحديد الوقت المناسب للنوم، ليبقى الجسم في حالة توازن وراحة، ويتسبب السهر، أو النوم المتقطع، أو النوم في أوقات غير مناسبة في تعريض هذا النظام المتوازن إلى الخلل نسبةً لساعة الجسم البيولوجية، ما يستدعي الجسم لتعويض هذا الاختلال، ويعتقد العلماء أن نوبات الصداع النصفي قد تكون إحدى الطرق التي يستخدمها الجسم للتعامل مع الخلل الذي يحدث بين النوم واليقظة، وذلك لأنه يُجبر الشخص على البقاء ساكنًا والاستلقاء في الظلام، وبالتالي تزداد احتمالية النوم وتعويض الشخص لما فاته من النوم، بالإضافة إلى محاولة الجسم لتعويض الخلل الناجم عن النوم الزائد من خلال نوبات الصداع النصفي، التي من شأنها أن تتسبب بحرمان الشخص من النوم لعدة ليال متتالية.^[٤][٥]

قلة النوم والصداع: ما هو رأي العلم؟

تعتبر العلاقة بين الصداع والنوم بشكل عام علاقةً معقدة ومتعددة الأوجه، ويتطلب ذلك إجراء العديد من الدراسات لمحاولة فهمها، إلا أن ثمة اعتقادًا علميًّا شائعًا بأن منطقة ما تحت المهاد الموجودة في الدماغ قد تكون مسؤولة عن العديد من حالات الصداع المرتبطة في النوم، إذ لوحظ أن ثمة نوعين من أنواع الصداع يرتبطان بطبيعتهما بالنوم، وهما الصداع العنقودي، والصداع النومي،^[٦] وفي الحقيقة تم إجراء العديد من الدراسات التي بحثت العلاقة بين الصداع وقلة النوم في الوسط العلمي، وكانت نتائج أبرزها على النحو التالي:

• أشارت دراسة أجريت في عام 2011 ونشرت في مجلة The Journal of Pain حول قلة النوم والشعور بالألم، حيث وجد أن قلة النوم تزيد من إنتاج أحد أنواع البروتينات المسؤولة عن الإحساس بالألم المزمن في الجسم، مما يزيد من حساسية الجسم للألم، وبالتالي يمكن أن يصاب الجسم بالصداع النصفي الشديد.^[٧]
• أشارت دراسة أجريت في The Headache Center of Atlanta عام 2005 على 1283 شخصاً يعاني من الصداع النصفي، أن اضطرابات النوم ساهمت في إصابة نصف هؤلاء الأشخاص بالصداع، كما أنها بينت أن الأشخاص الذين ينامون 6 ساعات فقط في الليلة يعانون من نوبات صداع بشكل أكثر وبحدة أكبر من الأشخاص الذين ينامون لفترة أطول.^[٨]
• في عام 1990 أجريت دراسة في National Hospital for Nervous Diseases على 25 شخصاً من الأشخاص الأصحاء، وبينت هذه الدراسة أن قلة عدد ساعات النوم بالإضافة إلى التغير المستمر في عدد ساعات النوم، مثل نوم الشخص 1 إلى 3 ساعات لمدة 1 إلى 3 ليالٍ قد تسبب في حدوث صداع خفيف يستمر من ساعة واحدة إلى طوال اليوم، أو الشعور بالضغط في الجبهة أو في الرأس بشكل عام، وتم علاج هذا الصداع باستخدام مسكنات الألم البسيطة المتاحة بدون وصفة طبية، حيث لوحظ أنه يختفي بعد حوالي 20 إلى 60 دقيقة من تناول المسكنات.^[٩]
• لوحظ في أحد الدراسات التي أجريت في Center for Sleep Evaluation عام 2012 أن النوم لساعات طويلة يمكن أن يتسبب ببعض أنواع الصداع، مثل: الصداع النصفي، والصداع الناتج عن التوتر، كما وجد أن من الممكن أن يصاب الشخص بالصداع نتيجةً لإصابته بأحد الاضطرابات التي تحدث خلال النوم، مثل: انقطاع النفس أثناء النوم، والأرق، واضطرابات الساعة البيولوجية، بالإضافة إلى أنماط النوم غير المنتظمة.^[١٠][١١]